السوداني قائد الحكومة يواجه قادة المعارضة الاعلامية

 

سعد الأوسي

تعمدت عدم الكتابة سريعا عن اللقاء المهم الذي جمعني انا ونخبة من قادة الاعلام والفكر والرأي مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني،
وفضّلت الانتظار حتى يفرغ جميع الذين حضروا اللقاء من كتابة اخبارهم ورؤاهم وانطباعاتهم عن هذا اللقاء المهم الذي يعدّ الاول من نوعه في تاريخ السياسة وتاريخ الاعلام العراقي على حد سواء، منذ اول عهد نشوء العراق الجمهوري عام 1958 حتى الآن على حدّ علمي ، بل ربما قبل ذلك ايضاً، حيث تجلس المعارضة الاعلامية الحقيقية الشرسة امام الحكومة رغم تاريخ الصراع الطويل بينهما والمشوب بالمرارة والقسوة والحدة بل وحتى الظلم احياناً، في جلسة صفاء ووعي وتبادل رأي وتشخيص هادئ بين انتقاد واشادة، على قدم الندية والمساواة والاحترام المتبادل.
وقد حاولت قبل ان اشرع في كتابة هذا المقال، رصد اغلب الاراء وردود الافعال الشعبية والسياسية والاعلامية التي صدرت او نشرت او غرّدت او (فسبكت) حول هذا اللقاء الذي تشرفت بقيادة اعضائه الأعلام من رجال الاعلام والفكر وقادة الرأي الكبار، فوجدتها متباينةً تبايناً شديداً بين محبٍّ غال ومبغضٍ قال كما قال امامنا العظيم امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
المحبون فرحوا و مدحوا اللقاء وما طرح فيه من رؤى و افكار ومقترحات رائدة، واشادوا بجو اللقاء الودي الجميل الذي تناقلته الاخبار
في الداخل والخارج، ورأوه بحيثياته ونتائجه حدثاً اعلامياً مهما ان لم يكن الاهم في تاريخ الاعلام العراقي، بجلوس الغريمين التقليديين (السياسة والاعلام المعارض) وجهاً لوجه على طاولة الحوار رغم تاريخهما المشترك المرير.
والمبغضون غضبوا واستنكروا وثاروا وشتموا ولعنوا، وكان لي شرف الحصول على حصة الاسد في شتائمهم ولعناتهم و جنون غضبهم المريض ( ليش ما ادري)….. !!!؟؟؟
والحق اقول لكم انني بقدر سعادتي ورضا نفسي عن تباريك وتهانئ الذين فرحوا بي وفرحوا لي في هذا اللقاء، كانت سعادتي اعظم وأشدّ بشتائم و غيظ ولعنات المبغضين، ربما شماتةً باكبادهم التي كانت تتمزق من الحسد والغيرة والحقد وهو سمٌّ وبيل وقاكم الله شرّه، وربّما من استشفافي وقراءتي لما بين سطور هذا الغضب الاهوج الذي تفصح ثناياه عن يقينهم المحسور المقهور بمعنى وأهمية هذا اللقاء والنجاح الذي تكلل به ومن ثم صداه ووقعه في الداخل والخارج. حيث سدّد الرئيس السوداني ضربة معلم ناجحة في شباك عديدة في آن واحد، حين ارسل بهذا اللقاء رسائل سياسية خارجية واضحة للدول اللاعبة في المصير السياسي العراقي من اصحاب القوة واصحاب المال وقبلهم اصحاب الهيمنة والسطوة والنفوذ الدولي والاقليمي، حيث اظهر هويته الديمقراطية الحقّة بجلوسه في طاولة الحوار مع المعارضة الاعلامية الداخلية والتي تمثل صورة المعارضة الواعية البنّاءة الساعية الى الاصلاح والتقويم، وليست كمعارضة اعلام الخارج التي يطفح خطابها بالكراهية والحقد وتنضح اجنداتها بالتآمر والعمالة المدعومةً بالاموال المخابراتية الملوثة.
لم يلتفتوا الى اهمية هذا اللقاء وريادته، ولم يلتفتوا الى وجاهة وثقل وتاريخ الاسماء الاعلامية البارزه التي حضرت اللقاء، ولا مكانة واهمية الصحف والمواقع الالكترونية والفضائيات التي يملكونها او يمثلونها ، بل كان حدادهم الاكبر وغيظهم الاهوج ينصب في تساؤلات تافهة تقول : لماذا هؤلاء ؟؟؟؟
ولماذا ليس نحن ؟؟؟
ولماذا سعد الأوسي ؟؟
وكيف تحول من معارض شديد وقاسٍ على الحكومات المتعاقبة الى رئيس اول وفد اعلامي يلتقي برئيس الوزراء !!!؟؟؟
و ماهي الرسالة التي ارادها رئيس الوزراء السوداني حين دعاه قبل اللقاء الى مكتبه الرئاسي ثم دخل معه كتفاً بكتف لمقابلة الوفد ؟؟؟؟
اسئلة غبية وسائلون اغبى حين لم يكلف احدهم نفسه للتفكير بفحوى مادار في اللقاء من معاني و دلالات واهمية ونتائج، وشغلوا انفسهم بحفاوة الاستقبال ومراسيمه، وهو في حقيقته تقدير وتكريم اعتباري ليس لسعد الاوسي فحسب بل للاسرة الاعلامية بكاملها !!!
لم يهتموا بما طُرح في اللقاء من افكار ومشاريع ومناهج عمل تعود بفائدتها على جميع الاعلاميين وليس على النخبة القليلة التي التقت بدولة الرئيس فحسب، بل همّهم سبب ترك رئيس الوزراء ادارة الجلسة لزميلهم سعد الأوسي ونعته بالاخ والصديق !!!؟؟؟
ماهذا الصَغار والضِعة والضحالة ؟؟؟
وبماذا يتدنى البعض الى هذا المستوى ؟
وهل انتهت كل همومنا ومشاكلنا الوطنية والمهنية حتى نفرغ لحفاوة استقبال فلان ووجاهة علّان !!؟؟؟؟
رئيس الوزراء السوداني المثابر الذكي اللماح متابع دؤوب للصحافة والاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو قارئ دؤوب -رغم مشاغله ومسؤولياته – ويعرف ادقّ التفاصيل في هذا الوسط، لذلك فانّ اختياره للقاء اقطاب صحافة المعارضة حسب اهمية حضورهم وتأثيرهم لم يكن حدثا مرتجلاً غير مدروس، بل اشارة واضحة ساطعةً على توجه حكومته النزيه في اعتماد الصحافة المعارضة كمصدر مهم لتقويم عمل الحكومة ورصد اخطائها ومحاسبة الفاسدين واللصوص ، والتعامل معها كشريك موثوق وانهاء حالة التقاطع والصراع والحرب الجاهلة التي اختارتها الحكومات السابقة ضد الاعلام المعارض الحر، من اجل تطبيق امثل لمبادئ الديمقراطية التي اقرّها الدستور الجديد واتخذها العراق منهجاً في ممارسة الحكم وادارة البلاد.
لم يسألني احد عن المقترحات والمشاريع الاعلامية المهمة التي قدمتها لدولة الرئيس السوداني وحظيت باعجابه واهتمامه وقراره بتنفيذها جميعاً،
بل سألوني عن سر المحبة والاخاء المتين الذي يجمعني بالرئيس ومنذ متى كان وماهو مداه ؟؟؟؟
وقد غفلوا غفلان الحمقى عن ان هذا اللقاء المهني المهم لم يكن شخصيا رغم ماتخلله من مودة و تقدير واحترام متبادل، بل كان لقاءً مهنياً مسؤولاً حرص فيه رجل الدولة الاول على ارساء قواعد عمل وفهم مشترك بين حكومته و الاعلام الذي يمثّل السلطة الرابعة المعبّرة عن نبض الشعب وهمومه وتطلعاته.
لا اكتمكم سرّا ان رد الفعل الغبي المنفعل هذا، حفّزني على مزيد من العمل المشترك والتنسيق والتفاهم والتواصل مع رموز السلطة والسياسة في البلد وصولاً الى تجسير الهوة الوهمية المفترضة بينها وبين الاعلام المعارض، ووضع اسس وقواعد تعامل مهني جديد قائم على الاحترام المتبادل،
وسأنتظر بسرور ردات فعل اقوى وشتائم اكثر ولعنات اشدّ من فريق الاغبياء العاطلين المعطلين لانها دليلي الاوضح على صواب منهجي وسداد طريقي ونجاحي الذي يسرّ الصديق ويغيظ العدو.