نيجيرفان بارزاني من بغداد: يجب الإسراع في حل مشكلة ميزانية ورواتب إقليم كردستان

شارك نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان، صباح اليوم في مراسم إحياء الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد سماحة آية الله محمد باقر الحكيم، والتي حضرها رئيس جمهورية العراق ورئيس الوزراء العراقي ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وعدد كبير من القيادات السياسية العراقية والدبلوماسيين والضيوف.
وخلال المراسم، ألقى الرئيس نيجيرفان بارزاني خطاباً تطرق فيه إلى ماضي نضال الأطراف السياسية العراقية ضد الدكتاتورية وحاضر البلد. ودعا المسؤولين والسلطة الاتحادية العراقية إلى الإسراع في حل مشكلة ميزانية إقليم كوردستان.
وأدناه نص خطاب فخامة رئيس إقليم كردستان:
ايها الحضور الكريم
السلام عليكم..
نشارك اليوم معاً في ذكرى مهمة وأليمة، وهي مناسبة يوم الشهيد العراقي والذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد آية الله محمد باقر الحكيم (قُدّس سِرّه).
لقد قدّم الشعب العراقي، بغية الخلاص من الظلم، ومن أجل القضاء على الإرهاب، جحافل من الشهداء. وخير وفاء لذكرى وأرواح الشهداء هو تعزيز الإعمار وتحسين الأوضاع المعاشية لشعب العراق وتأمين مستقبل مشرق للجيل الحالي والأجيال القادمة.
لقد كان آية الله محمد باقر الحكيم، الذي طالته يد الإرهاب، شهيد المحراب، وعندما كان خارج العراق، كان قائدا وداعما رئيسيا لتوحيد النضال والعمل المشترك بين أطراف المعارضة العراقية ووحدة كلمتها ونضالها آنذاك وكان يهدف إلى تحرير الشعب من الاضطهاد والدكتاتورية.
واليوم نحيي ذكرى الشهيد آية الله محمد باقر الحكيم في عراق متحرر من الديكتاتورية، وبات علينا أن نعبرعملياً عن وفائنا لشهيد المحراب وكل الشهداء بطريقتين: وهما إنهاء جميع أنواع الظلم والاضطهاد، وكذلك ابتعاد جميع الأحزاب والأطراف السياسية عن نقل المنافسة والخلافات السياسية إلى داخل المجتمع وقوميات ومكونات العراق.
ان العمل المشترك والوحدة بين شهيد المحراب ووالدي المرحوم إدريس بارزاني، ومع فخامة الرئيس مسعود بارزاني والرئيس الراحل المرحوم مام جلال وبقية الأطراف وقيادات المعارضة العراقية، عزز حينها أواصر المحبة بين أبناء الشعب العراقي المضطهد.
وعلينا نحن في الجيل الذي اعقبهم أن نكرس تلك المحبة وندعمها بقوة لا أن نخربها. إن تعزيز المحبة والمساواة بين قوميات ومكونات الشعب العراقي، هو سبيل ونهج زعمائنا وقادتنا، وما يخالف ذلك يعني الخروج عن مسارهم وطريقهم، بل يتعارض مع نهجهم.
أن ما آمن به وناضل من أجله زعماء حركتنا السياسية، كان نابعاً من خلفية وعمق كبيرين، فقد كان لعلمائنا وأئمتنا الدينيين، بعلومهم واجتهادهم ومعارفهم، رؤى واسعة وإنسانية، لذلك كانت للمرجعية العليا في النجف الاشرف علاقات متينة مع بارزان ومع علماء كوردستان عامة.
لقد كان لزعيم ثورة كوردستان، المرحوم الملا مصطفى بارزاني علاقات مستمرة مع المرجعية العليا في العراق، وكانت فتاوى آية الله العظمى السيد محسن الحكيم وآية الله العظمى محمد باقر الصدر (قدّس سرّهما) في العامين 1965 و1974، إبان الحكم الدكتاتوري، ومن دون الاكتراث بالأخطار المحدقة بحياتهما، فتاوى مناصرة للحق بقوة. هاتان المرجعيتان العظيمتان، أصدرتا فتوى تحريم محاربة الكورد وبيشمركة كوردستان. ولن ينسى شعب كوردستان أبداً موقفهما وفتواهما التأريخيتان.
هذه الذكريات مهمة، من اجل ان نقوم جميعا في الوقت الراهن ايضا وبشكل عملي بالحفاظ على ماضينا المزدهر ذاك. هذا الماضي الذي تأسس على رؤى واسعة وعلاقات مبنية على المحبة، فلا يجوز تخريب واضاعة حاضرنا ومستقبلنا بنشر الكراهية والصراع والانقسام، بل علينا أن نعززهما بالمحبة وتقوية المشتركات بيننا.
ايها الحضور الكريم
إضافة إلى هذا الماضي، نرتكز اليوم على مصدر قانوني شرعي مهم جدا لتطوير وتعزيز التعايش المشترك بين مكونات العراق. فمنذ عام 2005 لدينا الدستور وهو قانوننا في التعايش واعتماد النظام الاتحادي الديمقراطي. وتتآلف روح الدستور مع العدالة وتقاسم السلطات والنظام الاتحادي. وتطبيق الدستور كما هو يحافظ على ماضي مجتمعنا الرائع ويحسّن حاضرنا ويؤسس لمستقبلنا.
لذا وبينما يجلس هنا الكثير من السادة الزعماء وكبار المسؤولين العراقيين، فإنني أدعو إلى أن نلتزم جميعنا بهذا الدستور كونه يحمي المساواة بين جميع مكونات وأقاليم ومحافظات العراق ويحفظ استقرار البلد.
أيها السادة..
بسبب الافتقار إلى الميزانية والرواتب في إقليم كوردستان في الوقت الحاضر، يعيش الموظفون والأهالي ظروفاً قاسية للغاية. وقد أثر هذا بصورة سلبية جداً على كل القطاعات في إقليم كوردستان. وهناك حاجة ملحة لحل هذه الأزمة الكبيرة بأقصى سرعة. وهذه مسؤوليتنا جميعاً، لأن إقليم كوردستان وموظفيه جزء من العراق.
لذلك أدعو جميع القادة والأطراف السياسية، والكتل وجميع أعضاء مجلس النواب العراقي، إلى دعم حل مشكلة ميزانية ورواتب موظفي إقليم كوردستان.
أيها السادة..
لقد عملت حكومة العراق الاتحادية، برئاسة الاخ السيد محمد شياع السوداني بشكل فعال، وهذا ما عزز من مكانة العراق. وأسلوب العمل هذا كفيل بأن يزيد من ترسيخ مكانة بلدنا. لكن انتهاك صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة العراقية، من خلال استهداف البعثات الدبلوماسية وقوات التحالف الدولي والبيشمركة، يخرّب عمل الحكومة ويضع العراقيل في طريقها وبرامجها ويسفرعن تعقيدات كثيرة ومتعددة الجوانب في العراق.
لقد ألحقت هذه الهجمات الكثير من الضرر بأمن وحياة مواطني إقليم كوردستان وتسببت في انتشار القلق والاضطرابات في جميع أسواق العراق ومنحت إرهابيي داعش الفرصة لتكثيف هجماتهم.
إن قوات التحالف جاءت بناء على دعوة من العراق لغرض التصدي لداعش. ويجب أن تتاح الفرصة للحكومة الاتحادية والسيد السوداني رئيس الوزراء، للحوار معهم وفق خطة مشتركة وعلى أرضية آمنة خالية من المشاكل بهدف الاتفاق على مستقبل التعاون بين قوات التحالف والعراق.
أن العراق دولة لديها مؤسساتها الوطنية، ولا بد أن تؤدي هذه المؤسسات عملها، وبخلاف ذلك سيزج شعب العراق في مشكلات وتعقيدات إضافية، في الوقت الذي نحتاج فيه الآن وأكثر من أي وقت آخر إلى عدم المساس باستقراره.
ختاماً، أتقدم بالشكر للاخ العزيز السيد عمار الحكيم لتنظيم هذه المراسم. وأحيي الروح الطاهرة لشهيد المحراب آية الله محمد باقر الحكيم، وروح المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم وجميع شهداء العراق.
أرجو التوفيق لكم جميعاً،