نائبات الجنوب
عبدالهادي مهودر
الجنوب منبع الخير وموطن الابداع والجمال .. الجنوب مسقط رأس الحرمان والقهر وساحة الحرب والمقابر …وابناء الجنوب وقود الحروب المتكررة وحائط الصد الاول في كل المحن …ومدن الجنوب مسقط رأس التحدي والثورة ورفض الواقع .. حزن الجنوب عمره سبعة الاف سنة وأنين النساء الجنوبيات يفطر قلب الدنيا والاخرة .. وحزنهم ابدي والمرأة الجنوبية تحزن مرة واحدة وتلبس السواد على فراق رفيق عمرها حتى الموت ، وغناء الجنوب وجع ابدي وفرحهم لحظات طارئة تقتضي التنويه والاعتذار : ( موش العلى عيوني كحل هذا سواد الماي ) .. ومطربهم لقبه المنكوب ، من الخطأ ان يكون اسمه صباح ولقبه السهل ، مصيره الموت ( بلايه وداع مثل العود من يذبل بلايه وداع مثل الماي من ينشف بلايه وداع ) ال ( آخ ) جنوبية وقاسم مشترك في كل المواويل ، وقصائدهم تقطر دما ، الكلمات تتطافر عند ذكر الجنوب والشاعر يتلمس للطبيب العذر ( ياطبيب صواب دلالي كلف ) .. قصة جنوبية واحدة على سبيل المثال لا الحصر تحرك ضميز العالم الميت واخرها وليس اخيرها قصة الجندي الذي جرفت جثته السيول واخذه الحنين واعاده الى اول منزل والى دار اهله في الناصرية .. تكاد السموات تبكي عليه …
وفي جغرافيا الارض الجنوب يساوي اللامساواة والللاعدالة …دول الجنوب ليست مثل دول الشمال المتقدمة .. ومناطق الجنوب في معظم دول العالم مناطق انعدام لفرص التنمية ومناطق اطماع ونفوذ .
العراق والعالم يتعثر بالجنوب ويتلعثم امام الجنوب وتتعطل الكلمات عند ذكر الجنوب ووجع الجنوب ، وحتى حين يكتب شاعر الحب والنساء عن الجنوب يتغير مزاجه وتتبدل مفرداته ويتحول الى شاعر من نوع اخر غير نزار الذي نعرفه :
سميتكَ الجنوب
يا لابساً عباءةَ الحسين
وشمس كربلاء
يا ثورةَ الأرضِ التقت بثورةِ السماء
يا جسداً يطلع من ترابهِ
قمحٌ وأنبياء ..
سميتك الجنوب
يا قمر الحُزن الذي يطلعُ ليلاً من عيونِ فاطمة
ياطلقة الرصاص في جبين اهل الكهف
يا ايها القديس والشاعر والشهيد..
ونائبات الجنوب كثر ولاحصر لها ، ولعل السيدة النائبة الجنوبية ارادت ان تقول كل ذلك وتعبر عن كل هذا الحزن العميق فلم تقدر على اختزاله بمفردة واحدة ، لنلتمس لها العذر لأنه الجنوب الهائل الذي لايختزل بمفردة واحدة .