تقرير: الحشد الشعبي يعمل على تسريح عدد من مقاتليه ويكشف عن خطة لتحجيمه
سيل نيوز / متابعة
كشفت مصادر عراقية ، أن “هيئة الحشد الشعبي، الغطاء الجامع للفصائل المسلحة التي قاتلت تنظيم داعش، تخطط للاستغناء في الفترة المقبلة عن أكثر من 20 في المائة من عناصرها المقاتلين في الفصائل المقدّر عددها بنحو 70 فصيلاً مسلحاً، شارك عدد غير قليل منها بالعملية السياسية، ودخل إلى البرلمان عبر الانتخابات الأخيرة التي أجريت منتصف العام الماضي”. وأضافت المصادر في تقرير نشرته صحيفة ” العربي الجديد ” أن “هيئة الحشد” تعمل حالياً على إعداد قوائم لاستبعاد طلاب المدارس والكليات ممن التحقوا بالحرب، إضافة إلى من تجاوزت أعمارهم سن الـ45، فضلاً عن المتقاعدين، والذين يملكون مرتباً آخر، مع منحهم مكافآت مالية وعينية.
ومن أصل 130 ألف مقاتل، تجهز إدارة “الحشد الشعبي” نفسها لتسريح قرابة 30 ألف مقاتل، للتخلص من الأعباء المالية التي لم تكن واضحة ومؤثرة على ميزانية الدولة العراقية، أثناء الحرب على تنظيم “داعش”، لأن حكومة حيدر العبادي كانت قد سخّرت كل ما في البلاد لإبعاد “داعش” عن بغداد ، إلا أن التكلفة ظهرت خلال فترة ما بعد التحرير ونهاية التنظيم المتشدد في العامين الأخيرين، مع صدور تقارير تشير إلى تلاعب إداري ومالي بمنظومة “الحشد الشعبي”، مع وجود موظفين ومقاتلين “فضائيين”، بمعنى وجود أسماء تتلقى رواتب شهرية ومخصصات مالية، إلا أنه لا وجود لها. بالإضافة إلى تصاعد الغضب السياسي من قبل الأطراف المعارضة للحشد، الرافضة للانتهاكات التي نفذتها الفصائل بحق مواطنين في شمال البلاد وغربها.
في السياق ذاته ، قال القيادي في “الحشد الشعبي” علي الحسيني، إن “لدى الحشد مقترحات ومشاريع لقرارات لم يُنفذ منها لغاية الآن أي شيء، منها تسريح من هم أكبر من سن الـ45 عاماً، من الموظفين ليعودوا إلى أعمالهم ووظائفهم السابقة، والمتقاعدين ليعودوا إلى بيوتهم، وستكون لهم خيارات بعد انفكاكهم عن الحشد الشعبي وقد تُخصص لهم امتيازات ومرتبات. كما سيخرج الطلاب الذين تركوا دراستهم في سبيل التطوع بالحشد، حتى إن الخريجين من المتطوعين بالحشد، سيحصلون على كتاب مشاركة بصفوف المقاتلين من أجل إثبات أنهم شاركوا في الخدمة، ومن الممكن أي يُسهّل هذا الكتاب إجراءات تعيينهم في المستقبل”. وأضاف أن “الهدف من الخطوات المرتقبة، هو مواجهة التضخم الحاصل بعديد عناصر الحشد الشعبي، ولا سيما أن الحاجة انتفت بعد نهاية الحرب على داعش”.
وتحدث قيادي آخر في الحشد عن ذلك لـ”العربي الجديد”، منوّهاً بأن “هناك توجهاً عامّاً لمنع تضخم الفصائل العراقية المسلحة، وتحديدها بسقف عددي ثابت لا تتجاوزه واستبعاد من يمكن استبعاده منها، على أن الغطاء وراء هذه الإجراءات إداري بحت، ولن يتم ربطه بجانب سياسي، رغم أن جزءاً كبيراً منه كذلك”.
ووفقاً للقيادي نفسه، فإن “العملية كان يفترض أن تبدأ قبل أسابيع لولا التصعيد الأميركي الإيراني، والخشية من أن يفهم أي إجراء يتعلق بالحشد على أنه رضوخ للضغوط الأميركية”. ولم ينفِ وجود خلافات حادّة داخل الحشد إزاء هذه الخطوات، تحديداً بين الزعيم الإداري والتنظيمي لـ”الهيئة” فالح الفياض والزعيم العسكري أبو مهدي المهندس، وزعماء مليشيات أخرى مثل قيس الخزعلي وأكرم الكعبي وآخرين، يرفضون أي استبعاد للعناصر من الحشد، وخصوصاً الذين شاركوا بالقتال خلال السنوات الماضية، ويصرّون على أن الدولة ملزمة بمرتباتهم الشهرية (900 ألف دينار، أي نحو 780 دولاراً)، وكذلك امتيازات أخرى يحظى بها الجندي في الجيش العراقي. لا بل يصرّون على أنه يحق لابن كل متوفى في الحشد، أن يخلف أباه في موقعه إذا رغب بذلك.
وعلى الرغم من تأكيد مصادر حكومية لـ”العربي الجديد”، أن “خطة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي جاهزة لتحجيم الحشد الشعبي، إلا أنها لم تُنفذ لغاية الآن، بسبب عدم استكمال الحكومة، إضافة إلى الصراع الإيراني الأميركي الذي يلقي بظلاله على العراق”. وكشفت أن “من بين البنود المطروحة، وقف قبول العناصر الجديدة في الحشد، ومنح رواتب لمن يريد التقاعد منهم، شرط تسليم سلاحه والتعهد بعدم العودة للعمل المسلح، بالإضافة إلى تحديد مقارّ وجود للحشد خارج المدن، وجعلها تحت إمرة أكبر رتبة عسكرية في الجيش بالمنطقة التي يوجدون فيها. وهو توجه مدعوم من قيادات شيعية سياسية، أبرزها مقتدى الصدر وعمار الحكيم وحيدر العبادي وتعارضه قيادات أخرى”.
وأشارت المصادر إلى أن “عبد المهدي كان قد بدأ بأول خطوة قبل أربعة أشهر تقريباً، وأصدر كتاباً سرّياً إلى عموم قادة الفصائل المسلحة ومتحدثي الحشد الشعبي ومنعهم من التعليق على القضايا السياسية، خصوصاً في ما يتعلق بملف لبنان والبحرين والسعودية، ناهيك عن إلزام الفصائل بعد ذكر أسمائها مثل (كتائب وعصائب وسرايا) والالتزام بذكر أسماء الألوية، مثل اللواء الرابع أو اللواء السابع بالحشد لهذه الفصائل، لا اسم المليشيا الأصلية ذاته، وتحديداً بما يتعلق بوسائل الإعلام والكتب الرسمية والمخاطبات مع الدولة، إضافةً إلى إغلاق باب التطوع”.
ولفتت المصادر إلى أن “الأمر الذي أصدره عبد المهدي لم يتم الالتزام به من قبل قادة تلك الفصائل، وهو ما يمكن اعتباره مشكلة لازمت حكومة حيدر العبادي وانتقلت إلى حكومة عادل عبد المهدي، وتتضمن عدم الالتزام بقرارات الحكومة من قبل قادة فصائل معينة”. إلا أن مسؤولين ونواباً لا يزالون يعتقدون بضرورة إلغاء هيئة الحشد الشعبي بشكل كلي، لكونها تستنزف موارد الدولة، وضرورة دمجها بطريقة المصاهرة مع وزارتي الداخلية والدفاع. وهو ما يتناسب مع تطلعات المرجعية في النجف (علي السيستاني)، التي لوّحت وألمحت في كثيرٍ من المرات بهذا الأمر”.
في السياق، أكد القيادي في تحالف الإصلاح والإعمار حيدر الملا، أن “الكثير من قرارات الحشد الشعبي لا تخضع لسيطرة القائد العام للقوات المسلحة، وهي تستنزف موارد الدولة الاقتصادية”، مضيفاً في حديثٍ متلفز بأن “إلغاء هيئة الحشد الشعبي فيه ضرر كبير، لأن عناصر الحشد قدموا دماءً وتضحيات في سبيل الخلاص من عدوّ إرهابي يستهدف الإنسان لكونه إنساناً. لكن لا يعني مقابل هذه التضحيات إضعاف المؤسسة العسكرية العراقية وخلق جيوش رديفة، وأن 130 أو 160 ألف عنصر في الحشد الشعبي لهم حق في أن يكونوا جزءاً من مؤسسة الدولة المدنية، ولا بد استيعاب هؤلاء العناصر في مؤسسة الجيش والشرطة”.
إلى ذلك، كشف نائب في ائتلاف “الوطنية” بقيادة أياد علاوي، أن “غالبية الكيانات السياسية السنّية التي دخلت إلى البرلمان وحصلت على مناصب في الحكومة الحالية ووزارات، كانت قد وعدت جماهيرها بسلسلة من المشاريع التي ستعمل على تحقيقها، ومن ضمنها إلغاء الحشد الشعبي “، موضحاً، أن “دمج الحشد الشعبي بالجيش والشرطة هو الحلّ الأنسب، لمن لا يملك شهادة دراسية، أما أصحاب الشهادات فيُعينون، وتسقط عنهم انتماءاتهم الحزبية والطائفية والفصائلية”. وتابع قائلاً إن “الوقت الحالي ليس مناسباً بالمرة لفتح ملف كهذا أمام الحكومة أو البرلمان من قبل الأحزاب السنّية، لكون الأوضاع غير مناسبة، ولو فُتح هذا الملف فسيشهد معارضة كبيرة من الأحزاب الشيعية وتحديداً تحالف البناء بمن فيه”. وختم النائب بالقول إن “أحزاباً شيعية دخلت على خط الاتفاق على مبدأ إلغاء الحشد الشعبي، لعدم ضرورتها وتسببها بإرهاق الدولة العراقية بالمدفوعات والمخصصات، ناهيك عن الاحتماء بها لارتكاب الجرائم باسم الحشد. ومن الأحزاب الشيعية التي ستوافق على إلغاء الهيئة التيار الصدري، لأن مقتدى الصدر من أبرز الداعمين لهذا القرار، على اعتبار أن الحشد قريب من إيران أكثر من اللازم”.