الحرب النفسية على رواتب الموظفين حين يستهدف الموظف بدل اصلاح الدولة !
كتب : جرير محمد
حرب نفسية منظمة تُشنّ على قطاع الموظفين، عبر سياسيين ومحللين وعناوين اخبار وسياسة ممنهجة لبثّ القلق وترويج سيناريوهات الإفلاس والعجز، في وقتٍ لم يستلم فيه أي موظف راتبه حتى الآن، رغم تصريحات سابقة بإطلاق التمويل، ونحن في نهاية سنة مثقلة بالالتزامات.
قتلوا فرحة الناس برواتبهم، قبل استلامها وزرعوا بدلها الخوف
حديث عن عجز، تقشّف، ادخار، وقطع رواتب… وهي سياسات جُرّبت سابقًا، ولم تُصب إلا الموظفين صغارهم وكبارهم فالطبقات الخاصة والعليا الاخرى دائما في مأمن وما سُمّي آنذاك “ادخارًا” ذهب أدراج الرياح ولم يستلم الموظفون منه فلسًا واحدًا بعد تجاوز الازمة
اما الحديث عن اصلاح سلم الرواتب تحت عنوان الانصاف فهو كلام جميل في عنوانه لكنه ظالم في محتواه كونه يعني ان نقتطع اللقمة من افواه ناس لنضع منها في افواه ناس اخرين!
وكأن الحل هو أن نقتطع من فئات لنرفع فئات أخرى!
هل هذا يُسمّى إصلاحًا؟
هل تُبنى العدالة بكسر طبقة لحساب أخرى؟
ليس ذنب الموظف أن الدولة اختارت، عبر حكومات متعاقبة، نهج تكديس الوظائف كجزء من الرشاوى الانتخابية والاجتماعية، ثم تعود اليوم لتعاقبه وتحمله فشل السياسات وسوء التخطيط. وليس من العدل ولا من الصواب أن يتحول الطعن—بكل خفة—نحو الموظفين باعتبارهم عبئًا وغير منتجين، بينما المشكلة هي سياسات حكومية و( سستم ) مختل وجد الناس أنفسهم داخله دون إصلاح حقيقي.
ثم سؤال بديهي:
إذا كانت الطبقة السياسية تعترف بوجود ترهّل وظيفي، فلماذا عُيّن قبل نحو عام أكثر من مليون موظف جديد؟
وهناك الالاف ينتظرون دورهم على ابواب الحكومة !
هل هذه سياسة صاغها الموظف؟
أم يدفع اليوم ثمنها وحده؟
وفي المقابل، لمن يريد الاصلاح نسأل لماذا هذا الفيتو الدائم على القطاع الخاص؟ وهن المعني بتوفير الحلول الاقتصادية
لماذا يُشلّ ويُكبّل بالقرارات الصارمة، والروتين، والبيروقراطية، والتعقيد، والابتزاز، والضرائب، وغياب البيئة القانونية والإدارية والاستثمارية الصحية، ليُحرم البلد من اقتصاد حقيقي يولّد الوظائف ويشغّل العاطلين ويفتح آفاق النمو؟
الموظفون—ضمن التركيبة الاقتصادية التي أسسها النظام السياسي—يمثلون الطبقة الوسطى والفئات الفقيرة، وهم المحرّك الفعلي للسوق. أي تهديد لرواتبهم هو تهديد مباشر للاقتصاد كله، ولكم ان تروا اليوم الركود الحاصل بسبب هذي التصريحات حول رواتب الموظفين لأن السوق يعتمد على قوتهم الشرائية التي تآكلت أصلًا بفعل تراجع قيمة العملة، وغلاء المعيشة، والضرائب والجبايات المتزايدة التي ترهق الناس، ولم يعد الراتب معها يكفي لمتطلبات الحياة.
لا تحمّلوا الموظفين أخطاء النظام،
ولا تضحّوا بهم عند أول أزمة،
ولا تجعلوهم شماعة لفشل السياسة الاقتصادية.
وأخيرًا، سؤال لا يمكن الهروب منه:
هل أموال البلاد تأكلها رواتب الموظفين ومنتسبي الأجهزة الأمنية والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية؟
أم يأكلها الهدر والصفقات والفساد الذي نسمع باخباره ويعترف به الجميع صباح مساء؟
الجواب معروف…
لكن الأسهل دائمًا هو الضغط على الطرف الاضعف والتضحية به

