برهم صالح مع ايجاد بديل لعبدالمهدي وانتخابات مبكرة وتغيير مفوضية الانتخابات
خطاب الرئيس العراقي برهم صالح :
أخوتي وأبنائي في الساحات، أعزائي في القوى الأمنيةِ المخلصة..
أيّها العراقيون الغيارى
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه
أخاطبُكم في هذه اللحظاتِ التاريخيةِ العصيبة، وأبدأ حديثي المباشر بالتأكيدِ مرةً أخرى على انحيازي اليكم، بمشاعري وعواطفي وجهودي وبكلِّ ما املكُ من مساحةٍ ودورٍ وقوةٍ استمدُّها منكم، ومن نهوضِكم الوطني المجيد.
• انتم ايها الشبابُ الاملُ والصحوةُ والضمير والصوتُ الوطني العالي الذي نؤكدُ عبره ومن خلالِه مجدَنا الوطني ونواجه به التحديات ونكافحُ فسادَ المفسدين ونردّ كيد الاشرار.
• معكم في تظاهراتِكم السلمية ومطالباتِكم المشروعة، ومعكم في رفعِ الحيفِ ومحاربةِ الفسادِ، ومعكم بإنصافِ القطاعاتِ المظلومةِ والمهمّشة من أبناء العراق.. ومعكم وانتم ترفعون الرايات والاعلام العراقية عالياً لكي يبقى الوطنُ وطنَ جميعِ العراقيين وأن تكون تظاهراتُكم سورَ الوطن وسياجَه المنيع.
معكم بسلميتِكم.. وضد أي قمع واعتداء.
أخاطبكم وفي الوقتِ نفسِه أخاطبُ الأجهزةَ الأمنية، وهم أخوانُكم.
هم أنتم وأنتم هم. لستم فريقين متخاصمين. أنتم تعبّرونَ عن مطالبِكم وهم يحفظونكم ويحفظون الأمنَ والنظامَ، أمنَ بلدِنا وشعبِنا.
دعمُ القوات الأمنية مسؤوليتُنا جميعا.. سيكون من صالحِ الجميع أن ينجحَ المتظاهرون في التعبير بحريةٍ وسلام عن مطالبِهم، وأن تنجحَ قواتُنا الأمنية بمهماتِها في حفظِ الأمنِ العام ومنعِ من تُسوّلُ له نفسُه اختراقَ التظاهرات والإساءةَ لها.
هذه الأخوّة ما بين المتظاهرين وقوى الجيش والأمن هي التي ساعدت على أن تتحولَ هذه التظاهرات الكبيرة إلى احتفاليات عظيمة بالوطنية العراقية وبارتفاع الأعلام الوطنية والنشيد الوطني في الشوارع والساحات بعزم ملايين الشبان، بإرادة العوائل الكريمة في بغداد والمحافظات والتي شاركت وجسدت المعاني العميقة لوحدة الشعب بأبهى صور الوحدة والتآخي والتضامن.
مشتركين نحفظُ الأمنَ العامَ والممتلكاتِ العامةَ والخاصةَ، ونحفظُ الوطن.
ليس هناك حلٌّ أمني.
القمعُ مرفوض. واستخدامُ القوةِ والعنفِ مرفوض.
الحلُّ في الإصلاح. الحلُّ في تعاونِ الجميعِ من أجلِ حفظِ الأمنِ العام ومواجهةِ المجرمين الذين يريدون سوءاً بالعراق.
أشيرُ بهذه المناسبة، وأنا بصددِ الحديث عن علاقةِ المتظاهرين بقوى الأمن، أشيرُ إلى التشخيصاتِ المهمة التي جاءت بخطابِ المرجعيةِ الجمعةَ الماضية، وإلى تقديرِ الخطابِ لحراجةِ اللحظةِ التاريخيةِ الراهنة لبلدِنا وشعبِنا.
أيها الأحرار..
• التاريخُ يعلّمنا أن صوتَ الشعبِ أقوى من أيِّ صوت، وإرادةُ الشعبِ هي الأمضى، ومستقبلُ العراق هو هدفُنا جميعا لأن يكونَ مستقبلاً مشرقاً وكريما..
الحكومة مطالبة ان تكون حكومةَ الشعب كما أشار إلى ذلك الدستور ورسخته تضحياتُ العراقيين.
المطلوب هو اجراءاتٌ سريعة تقتضيها المسؤوليةُ القانونية لمحاسبةِ المجرمين والمقصرين في استخدام العنفِ المفرط أثناءَ الاحتجاجاتِ الأخيرة وتقديمِهم للعدالة عبر القضاء وحسمِ هذه الملفات بأقصى شعورٍ بالمسؤولية، والعملِ بحرصٍ شديدٍ ودقيق لمنعِ أية محاولةٍ للانفلات الأمني .
في هذه الظروف، تتأكد مرةً أخرى أهميةُ أن يكونَ السلاحُ بأيدي الدولة.. نتوقعُ عملاً مضاعفاً من الحكومةِ ومؤسساتِها للشروعِ بتنفيذٍ فعلي لمبدأ حصرِ السلاح بيدِ الدولة، الدولةِ وحدها، وليس بأيدي جهاتٍ منفلتة وخارجة عن القانون. لا أمنَ ولا اطمئنانَ من دون هذا، من دون احتكارِ الدولة وحدها للسلاح. هذا يساعدُنا في ضبطِ الأمن وفي تفادي معاركَ واقتتالٍ ما بين جماعاتٍ مسلحة كلما تنافرت هذه الجماعات واختلفت.
في هذا الظرف لا بدّ من عمل استثنائي للبرلمان..
البرلمانُ وهو صوتُ الشعب وقاعدتُه التمثيليةُ الوطنية ينبغي أن يكونَ أولَ من يتصدى لمطالبِ المتظاهرين، ويعمل على تنفيذها تشريعياً ورقابياً كما يعمل على محاسبة المقصرين والفاسدين.
نؤكد هنا أنه تمت المباشرة بإحالة ملفات فسادٍ إلى القضاء للبتِّ فيها على وفق القوانين والأحكام السارية. هذا الموضوع حساس وله أولوية متقدمة، يجب التعامل مع قضايا الفساد الكبرى بمنتهى الشفافية والإخلاص للقانون والحقوق العامة.
نأملُ عملاً مشتركا ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يتجاوزُ الأطرَ الروتينية ويساعد على إعادةِ تجسيرِ العلاقةِ ما بين السلطات والشعب.
ويهذه المناسبة أشيرُ إلى أننا في رئاسةِ الجمهورية باشرنا فعلا عملاً متواصلاً من أجل قانونِ انتخاباتٍ جديد، مقنعٍ للشعب، ويعالج مشكلاتِ القانونِ السابق ويسمحُ بانتخاباتٍ أكثر عدلاً وأشدَّ تمثيلاً لمصالحِ الشعب بما في ذلك حق الترشح للشباب، وبما يحمي أصواتَ الناخبين ويمنعُ محالاوتِ التلاعبِ والتزوير، واستبدالِ المفوضيةِ بمفوضية مستقلةٍ حقاً، ومن رجالِ القضاءِ والخبراء، وبعيدةٍ تماماً عن التسييس والمحاصصةِ الحزبية، مع إعادةِ تشكيلِ دوائرِها بمهنية وبعيداً عن الحزبية والتسييس. نتوقعُ في الأسبوع المقبل تقديمَ مشروعِ القانونِ الذي نعمل عليه بالتعاون ما بين دوائرِ رئاسةِ الجمهوريةِ وعددٍ من الخبراءِ المختصين والمستقلين إضافةً إلى خبراءِ الأمم المتحدة.
كما باشرنا في دوائرِ رئاسةِ الجمهورية برعايةِ حوارٍ وطني للعمل من أجلِ معالجة الاختلالات البنيوية في منظومة الحكم وفق السياقات الدستورية والديمقراطية، يلبي للعراقيين مطلبهم في حكم رشيد يتجاوزون في عللل وثغرات التجربة الماضية. وأيضاً يساعدنا في هذا العمل نخبةٌ من الخبراءِ والقانونيين الكفوئين والمستقلين.
وأريدُ ان اؤكدَ أني كرئيسٍ للجمهورية سأوافقُ على انتخاباتٍ مبكرة باعتمادِ قانونِ الانتخاباتِ الجديد والمفوضيةِ الجديدة للانتخابات.
فشرعيةُ الحكمِ تأتي من الشعب.. ولابديل لذلك.
أيها الشعبُ العزيز..
لقد كان الأخ رئيسُ الوزراء قد أبدى موافقتَه على تقديمِ استقالتِه طالباً من الكتلِ السياسيةِ التفاهمَ على بديلٍ مقبولٍ وذلك في ظلِّ الالتزامِ بالسياقاتِ الدستوريةِ والقانونيةِ وبما يمنعُ حدوثَ فراغٍ دستوري.
إنني أواصلُ شخصياً المشاوراتِ واللقاءاتِ مع مختلفِ الكتلِ والقوى والفعاليت الشعبية ، وذلك من أجلِ إحداثِ الاصلاحات المنشودة وضمن السياقاتِ الدستورية والقانونية وبما يحفظُ استقرارَ العراق ويحمي الأمنَ العام ويعززُ المصالحَ الوطنية العليا.
يقيناً أن الوضعَ القائم غير قابلٍ للاستمرار. نحن فعلاً بحاجةٍ إلى تغييراتٍ كبيرة لابدَّ من الإقدامِ عليها.
لقد وضعتنا مطالبُ الشعبِ العراقي على المحكّ.. وفي الملماتِ والشدائدِ يظهر الصادقون والمخلصون ورجالُ الوطن الحقيقيون.
يظهرون ليجعلوا من المحنةِ والشدائدِ وسيلةً للوثوبِ والنهوضِ والتقدم. يجب أن نجعلَ من هذا الظرف مناسبةً للبناءِ والتقدم، وأن نَحولَ دون الاندفاعِ والنكوص إلى الوراء.
• سواءٌ أكنا حكومةً أم برلماناً أم فعالياتٍ شعبيةً فان المسؤوليةَ تُلزمنا جميعاً بحمايةِ الوطنِ من العبثِ ومن سوءِ نوايا العابثين مثلما تلزُمنا بالتخلّصِ من الفسادِ والمفسدين، لذلك ادعوكم وأدعو أنفسَنا الى حمايةِ وطنِنا والحفاظِ على سلمية التظاهرات لكي نستطيعَ جميعاً تحقيقَ المطالبِ المشروعة والنهوضَ بالعراق معافى.
• انا معكم، وسأبقى كذلك، وسأبذلُ قصارى جهدي من أجلِ تنفيذِ المطالبِ الحقّة. أتابعُ باهتمامٍ استثنائي مجرياتِ التحقيق بما يخصُّ الشهداءَ والجرحى. قلبي وعميق مشاعري مع عوائلِهم الكريمة التي تستحقُ من الدولةِ كلَّ إنصافٍ وتقدير…
لا فضلَ لأحدٍ بهذا الانصاف، إنه مسؤوليةٌ وأمانة، وإلا فلا خيرَ في موقعٍ مهما كان رفيعاً وكبيراً إن لم يُنصف مظلوماً وينقذْ فقيراً من فقرِه ويحمي بلداً ويعزّ ابناءَه.
العراق يستحق منا الكثير.
ليكن سلامُ العراقِ وديمقراطيتُه وأمنُه وتقدمُه ورفعتُه وكرامةُ أبنائِه هدفاً يوحدنا جميعاً.
دمتم بحفظِ الله
ودام العراقُ بكم عزيزاً.