الاول من تشرين بين الرعب والموت


عبدالسميع عزاوي

الاول من تشرين الاول عام 2004 هو يوم لاينسى ويتذكره اهالي مدينة سامراء
فقد شهد اقتحام قوات الاحتلال الامريكية للمدينة بعد ان تحصن فيها مسلحو تنظيم القاعدة
وكانت ليلة ليلاء لم ينم فيها احد ، فاصوات قذائف الهاون والدبابات وقصف الطائرات احدثت رعبا كبيرا لدى المدنيين وارغمتهم على الاستيقاظ طوال تلك الليلة
كنت اتابع الاحداث واتواصل مع المراسلين عن طريق هاتف ارضي تم ايصاله بهاتف متحرك ولم يكن هناك اتصال هاتفي يصلنا بخارج المدينة ولا حتى اجهزة الهاتف النقالة المعروفة حاليا
ومنافذ البلدة كلها بيد القوات الامريكية ، واندلعت الاحداث وبدات المنازل تتهاوى وتتعالى اصوات النساء والاطفال ، وكنت اقف في باب المنزل لدقائق واعود مسرعا خشية تعرضي للقصف ، وفي احدى المرات وكانت الوقت فجرا شاهدت ابن جيراني مضرجا بدمائه في نهاية الشارع وحضر والده مسرعا لانقاذه لكن قذيفة اخرى قتلت الاب ايضا
ولم يجرؤ اي رجل من الجيران الخروج لانتشالهما ودخلت منزلي مسرعا ، ومددت سجادة الصلاة لاصلي الفجر وادعو ربي ان يخلصنا من هذه المحنة وهنا سقطت قذيفة اخرى دمرت اجزاءً من منزل جاري ، ادت الى تهشم زجاج المطبخ ليتساقط على راسي اثناء الصلاة
واخذت الشمس بالظهور ، وبعد انبلاج الصباح قررت ان اخذ عائلتي واذهب الى مركز المدينة حيث الوضع مازال هادئا
ونصحني الجيران بعدم الخروج لان اي شي يتحرك في الشوارع يعتبر هدفا للقوات المقتحمة ، لكن بالمقابل البقاء في منطقتي هو انتظار الموت لانها من اكثر المناطق سخونة في المدينة واخذت عائلتي ولملمت حاجياتي المهمة ومنها البطاقات الثبوتية وكاميرتي وتوكلت على الله
لكني كنت اسلك الشوارع الفرعية الى ان وصلت نهاية الحي وهنا توقفت لاسال احد اصدقائي فقد وجدته واقفا بالقرب من منزله واشار عليّ ان اخرج مسرعا من نهاية حي الجبيرية الى حي السكك الذي لم يشهد بعد اي مواجهات ، وقرات آية الكرسي واوصيت اهلي ان لايكفوا الدعاء وانطلقت مسرعا ودخلت حي السكك ثم الى منطقة الزراعة وكانت الامور ماتزال شبه مستقرة ووصلت منزل اخي وكان المسلحون يقفون قرب الباب بسيارة عليها مدفع رشاش استولوا عليها من دورية للشرطة وطلبت منهم ان يبتعدوا عن الباب لانهم كانوا يحاولون مهاجمة طائرة سمتية امريكية ورفضوا وطلبوا مني ان ابقى في المنزل ولا اتدخل بامورهم ، واخذنا نسمع اصوات اشتباكات قريبة اي ان القوات المقتحمة اخذت تسيطر شيئا فشيئا على الاحياء الشرقية واقتربت من مركز المدينة
وبعد اذان الظهر سمعت مناديا من جمعية الهلال الاحمر يطالب الشباب والناشطين من خلال مكبرات الصوت الجوامع بالخروج لانتشال الجثث من الشوارع وخرجت مسرعا على امل ان احصل على لقطات فوتو او فيديو للمؤسسات التي كنت اعمل بها واتذكر اننا انتشلنا 47 جثة من احياء عدة ، عدا تلك التي دفنت في حدائق المنازل والحدائق العامة
وبعد الظهر بدت الشوارع خالية من المسلحين واخذت القوات الامريكية ترافقها قوات عراقية تنتشر بتقاطعات المدينة
وكان يوما من اصعب الايام ، مليئا بالرعب والخوف والموت لا اعتقد سينساه السوامره على مر الازمان
رحم الله الشهداء الذين ارتقوا نتيجة المواجهات الشرسة وابعد الله الاحزان عن كل ابناء شعبنا في العراق الابي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *