نيجيرفان بارزاني: تكريم أي من علمائنا ومبدعينا تكريم لهوية وتاريخ شعبنا
سيل نيوز / متابعة من موقع رئاسة اقليم كردستان
شارك رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، قبل ظهر اليوم الاثنين 23 كانون الثاني 2023، فيمراسم تكريم العالم الكردي د. فرياد فاضل عمر، التي نظمتها الأكاديمية الكردية وجامعة صلاحالدين ومحافظة أربيل.
وخلال المراسم التي حضرها عدد من السادة الوزراء والمسؤولين والشخصيات الأكاديمية ومثقفيإقليم كردستان ألقى الرئيس نيجيرفان بارزاني كلمة، هذا نصها:
أيها الحضور الكرام،
طاب نهاركم،
أهلاً بكم جميعاً..
يسرني أن أحضر اليوم في مراسم أعدت لتكريم أحد علماء شعبنا البارزين الذي قدم خدمات كبيرةللغة والأدب والتاريخ الكوردي. فأشد على أيدي منظّمي ومعدّي هذه المراسم.
إن تكريم قدرات ومواهب ونتاجات أي من علمائنا ومبدعينا، تكريم لهوية وتاريخ شعبنا، وتعبيرعن الوفاء لجهود وكفاح المخلصين والأعزاء في خدمة شعبهم ووطنهم، في أي مجال وأي مكان.
بهذه المناسبة، أثني على جامعة صلاح الدين لمنحها شهادة دكتوراه فخرية للدكتور فرياد فاضلتقديراً للخدمات التي قدمها.
أيها الحضور الكرام..
الدكتور فزياد فاضل اسم بارز قدّم بإخلاص خدمات مشهودة لشعبه ووطنه. فلأكثر من نصف قرن،واصل من خلال نظم الشعر وكتابة المقالات، وإجراء الدراسات العلمية والأكاديمية وإلقاءالمحاضرات، والترجمة والمشاريع الثقافية، حماية وخدمة لغة شعبنا وتراثه وتاريخه.
فمنذ أن كان طالباً جامعياً، اتخذ من صون وخدمة لغة وثقافة وتاريخ كوردستان هدفاً رئيساً لهوعمل باستمرار في هذا الحقل. ثم بعد إتمامه الدراسات العليا ونيله شهادة دكتوراه في ألمانيا،وإلى جانب دوره الأكاديمي والتدريسي لعشرات السنوات في جامعة برلين الحرة، أسس معهدالدراسة الكوردية الذي يواصل منذ أكثر من 33 سنة تقديم خدماته للغتنا وآدابنا وتاريخنا.
إلى جانب تقديم 44 كتاباً للمكتبة الكوردية، بنى الدكتور فرياد عن طريق الترجمة جسراً رابطاًقوياً لتعريف العالم الخارجي وخاصة المجتمع الغربي بفكرنا القومي. يضاف هذا إلى وضعهلمعجم أكاديمي كوردي باللهجتين الكرمانجية والسورانية، ومعجم كوردي – ألماني، وقواعد اللغةالكوردية بالألمانية، والكثير من الأعمال اللغوية المهمة.
كما أن ترجمته لرائعة أحمدي خاني (مَم وزين)، وديوان نالي، وقصائد كوران والشيخ نوري شيخصالح، إلى الألمانية والانكليزية، تعد من الأعمال القيّمة للدكتور فرياد في مجال التعريف بأدبناالرفيع ولغتنا الحية، وعرض الصورة الحقيقية لشعب كوردستان على أذهان وضمائر شعوبالعالم، ليتعرفوا إلى شعب ذي لغة حية وأدب رفيع وتراث ثري بالقيم الجمالية والإنسانية.
وهنا، أجدد تقديم التهاني للدكتور فرياد، على فوزه في أواخر السنة الماضية بجائزة الجدارة منرئيس جمهورية ألمانيا، تقديراً لخدماته الكثيرة في المجالات الأكاديمية واللغوية والأدبية والثقافيةالكوردية. وأود أيضاً أن أنتهز هذه الفرصة لتهنئة السيدين نهاد قوجة وصلاح أحمد اللذين سبقوأن فازا بهذه الجائزة عن خدماتهما في مجالي الإنسانية والصداقة.
أيها السادة..
كانت صورة الكورد وشعب كوردستان تنقل في السابق إلى الشعوب الأخرى عبر المستشرقينوعلماء الشؤون الكوردية الأجانب، وكان هؤلاء يصفوننا في أحسن الأحوال بـ”المقاتلينالشجعان”، وهي صورة قاصرة عن التعبير عن هويتنا وعن تاريخنا.
لذا، من المهم العمل على تبديل الصور القديمة تلك في تصورات العالم، لكي يروا صورتناالحقيقية، وهذا لا يأتي إلا من خلال إيصال فكرنا وأدبنا وثقافتنا إليهم. يجب أن يطلع العالمالخارجي على فكر الكورد ويقرأوه، وهذا الواجب يقع على عاتق العلماء والأكاديميين والمثقفين منشعبنا. من المهم أن تكون لدينا مؤسسات فاعلة لإنجاز هذه المهمة تضم خبراء وذوي قدرات وخبرة،من داخل البلد وخارجه.
أيها السادة..
إننا اليوم في عصر لا يوجد سلاحا أكثر تٲثيرا من العلم والمعرفة لضمان بقاءنا وتقويتنا. إن بقاءأي شعب في العالم وتقدمه، رهن بمستوى إنتاجه وقدرة أبنائه على الإبداع في المجالات كافة،السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبوسائل علمية وعصرية. لذا فإن العلماء والمبدعينوالموهوبين ثروة قومية مهمة لوطننا.
يجب أن يكون نظامنا التربوي والتعليمي في كوردستان وفي المراحل كافة، من رياض الأطفال إلىالجامعات، في مستوى يستجيب لمتطلبات العصر وقضاياه، ويفتح أبواب التفكير والإبداعوالاختراع في وجه الطلبة.
اللغة هي عماد رئيس لهويات الأمم، ويجب أن ننظر إليها من هذا المنظور ونهتم بها. كما يجبالنظر إلى العلم كقيمة مهمة. التعليم لا ينبغي أن يكون لمجرد نيل الشهادات الدراسية، بل لأجل نيلالعلم والمعرفة وفي سبيل تقدم المجتمع وتنميته.
يوجد عند كوردستانيي المهجر وفي كوردستان، قدرات ومواهب فذة في مجالات كثيرة، وكلهم معاًيشكلون ثروة مهمة لهذا الشعب وهذا الوطن يجب تقديرهم والعمل بجد على هذه الأمور. كل واحدمنهم يمكن أن يصبح سفيراً لفكر وثقافة شعبه، للتعريف بالصورة والهوية الحقيقية لشعبهبأدوات علمية وبلغة العصر وهذه كقوة ناعمة لها تأثير كبير في عالم اليوم.
الثقافة الكوردية ثرية وعندها العديد من الأسماء والنتاجات العظيمة التي لم تخدم الكورد وحدهمفحسب، بل قدّمت خدمات جليلة للأمم الأخرى وللإنسانية جمعاء ولا زالت تقدم. يجب أن تكونالقيم الجميلة التي يضمها تراثنا من التعايش وقبول الاخر والتسامح والسلام، والدرر والجواهرالتي يضمها الفن والأدب الكورديان العميقان والثريان، مادة تُشاهد وتُقرأ من جانب شعوب العالم،لكي ترى هذه الشعوب بصورة أوضح أصالة تراثنا وحيوية لغتنا وتاريخنا ورفعة أدبنا وفننا،وخصوصيات هويتنا وشخصيتنا القومية وتقدّرها.
ختاماً، أثني مرة أخرى على منظمي هذه المراسم، وأشد على أيدي الأكاديمية الكوردية وجامعةصلاح الدين ومحافظة أربيل، الذين تكبدوا الكثير من العناء لإقامة هذه المراسم، على مبادرتهملتكريم الدكتور فرياد، فشكراً لهم.
كما أود أن أنتهز هذه الفرصة لأقول إننا في رئاسة إقليم كوردستان نريد أن نتخذ من تكريم العلماءوالكتاب والمثقفين والفنانين والموهوبين الكوردستانيين في كل المجالات، وفي الوطن أو في خارجه،ثقافة نعبر من خلالها عن تقديرنا لنتاجاتهم وإبداعاتهم، وأن ندعمهم ونساندهم في طباعة ونشروترجمة أعمالهم.
أرجو العمر المديد والصحة الجيدة والاستمرارية والموفقية للدكتور فرياد فاضل عمر، ويوماً سعيداًلكم جميعاً، وأهلاً بكم وسهلاً.